الزين اللي فيك: علاش هاد البلبلة؟

يسبق خامس أفلام نبيل عيّوش الروائيّة صيته، وقد حُكم عليه بالرفض حتّى قبل أن يحاول المنتج توزيعه في المغرب أو أيّ دولة عربيّة أخرى. لا يريد المغربيّون الفيلم لأنّه “يخدش الحياء” ويمسّ بصورة المرأة المغربيّة ويروّج للدعارة كما يقولون على صفحات مواقع التواصل الإجتماعيّ، هم أنفسهم الذين يهرعون لتحميل مقاطع الفيلم الجنسيّة كي “يفضحوا” نيّة المخرج. ويندّد آخرون به لأنّه يسيء للسعوديّين، أو “أسياد البترودولار”، كما جاء على لسان شخصيّات فيلم “الزين اللي فيك”. ويذهب خيال المغاربة لأبعد من استنكار الفيلم، فبعضهم يدعو إلى هدر دماء بطلته لبنى أبيضار، التي تلعب دور نهى، وهي عاملة جنس، ويطالبون بإعدام المخرج عيّوش ويتّهمونه بالخيانة.

الفيلم يعرّفنا إلى ثلاث فتيات مغربيّات: نهى وسكينة وحليمة اللواتي يمتهنّ الدعارة في مراكش المغربيّة. يعرّي الفيلم – حرفيًّا – حياة الليل في المغرب، ويكشف خبايا بيوت يقصدها زبائن سعوديّون بغرض المتعة الجنسيّة. ويمرّ على خلفيّة هؤلاء الفتيات اللواتي يستترن نهارًا لمواجهة عوائلهنّ الرافضة لهنّ، فمثلًا تظهر نهى بالحجاب والجلّابة وتقصد بيت أمّها التي لا ترحّب بها.

لكن ماذا يريد عيّوش أن يخبرنا؟ أيريد أن يصدمنا بحقيقة أنّ هناك دعارة في المغرب؟ أم أنّ هناك سياحة جنسيّة يغذّيها الخليجيّون؟ أم أنّ كثيرًا من الفتيات يُدفعن لامتهان الجنس هربًا من الفقر وسوء أوضاعهنّ الإجتماعيّة؟ أم يريد أن يرينا أنّ كثيرًا من مثليّي الجنس يرغمون على الزواج من نساء لإخفاء ميولهم الجنسيّة لأنّ المجتمع لا يتقبّل حقيقتهم، وقد تستر الدعارة “عورتهم” الإجتماعيّة؟ ثمّ ما الجديد في كلّ ذلك؟ لا شيء سوى الطرح المملّ.

بلغة فجّة، وصورة مزعجة أحيانًا، يتوجّه عيّوش للجمهور، وذلك أمر بديهيّ في فيلم يتناول الدعارة. ولأنّنا نحبّ الصراحة، هذا الفيلم لا يستحقّ الهرج والمرج الذي يدور حوله. دفعتني حشريّتي لمشاهدة النسخة المسرّبة، وطولها يزيد عن الساعتين. وغالبًا ليست تلك الصيغة النهائيّة للفيلم كما عُرضَ في مهرجان كان السينمائيّ (يمكن لأيّ كان أن يعي ذلك بسبب المشاهد الطويلة والفراغات بين بعض المشاهد ورداءة الصوت). أخاف أن أتسرّع في الحكم، لكنّ الفيلم فارغ من أيّ أبعاد فنّيّة، ويخفق في إضافة قيمة جديدة لقضيّة الدعارة أو حقوق عاملات الجنس.

شخصيّات الفيلم صادقة، ولا بدّ من التنويه بأداء لبنى أبيضار، بالرغم من أنّ الأداء الخليجي للممثّلين لم يكن بالمستوى المطلوب، فلكنة الممثّل الأميركيّ داني بوشبل (بدور أحمد السعوديّ) اللبنانيّة تطغى على اللهجة السعوديّة التي حاول تمثيلها.

المجهود الذي قام به المخرج لتصوير الفيلم رائع، فقد أجرى بحثًا ميدانيًّا طويلًا، قابل خلاله مئة عاملة جنس في المغرب قبل كتابة النصّ. كان جريئًا في معالجة المسألة للخروج عن صمت مجتمع منافق، ويتجلّى ذلك من خلال الفيلم، حيث تعيل فتيات الدعارة أسرهنّ بالرغم من تجريدهنّ من حلقتهنّ المجتمعيّة. لكنّ ذلك لم يكن كافيًا. كنتُ أودّ أن أعجب بالفيلم نفسه، لكنّه مخيّب للآمال (التي ربّما زادت بسبب الصخب حول عرض الفيلم في كان).

مؤسف أن يحكم الناس على فيلم لم يشاهدوه، ومؤسف أن يرفضوا صورته لأنّها “فضائحيّة” ومناقضة لمجتمعهم “المحافظ”، ومن المؤسف أيضًا أن يروّج للفيلم على أنّه سابقة في السينما العربيّة أو العالميّة، لأنّ لا زين في فيلم نبيل عيّوش.

 

WATCH HERE (FACEBOOK LINK TO THE VIDEO)

 

Leave a comment

Your email address will not be published. Required fields are marked *