في عالمنا العربي و في القرن الواحد و العشرون، مازال كثير من أهل الشرق يحصر الشرف في قطرات دماء تسقط يوم الزفاف بسبب فض غشاء البكارة.
فالشرف ليس شي مادي، و ليس مقتصراً علي الجسد. الشرف يكمن في الأخلاق، يكمن في أحترام الأخر حتي و إن لم نتفق معه.
و لماذا ينسب الشرف دائما للمرأة؟ ماذا عن الرجل؟ نحن مجتمعات لم نكلف المرأة أكثر من طاقتها فقط، بل أهدرنا كل طاقتها و مواهبها بتقاليد لربما عذرت جدتي في ذلك الوقت لعدم أنتشار العلم و الثقافة.
اما اليوم فلا و لن التمس العذر لذكر جاء يطبق مقاييس للشرف لا تمت للشرف بشي بل تنقصه!
نحن لا نعاني من الفقر و الجوع ، بل نعاني من فقر الثقافة و نقص حاد في الأفكار، مازالنا نطبق العادات و التقاليد دون أن نفصل بين ما هو جيد و ما هو رديء.
علي سبيل المثال شرف المرأة، أغلب الرجال يظنون بأنه لطالما مازالت “بكر” فهي عفيفه، و للتأكد من ذلك يجب أن يرى قطرات دم بعد أول جماع و النتيجة؟ الموت في حال عدم وجود قطرات دم!
كيف يمكن لفتاة أن تتحكم بعض قطرات الدم في مصيرها يوم الزفاف؟ و هل بات الدم المعيار الوحيد و الحقيقي للتأكد من أخلاق الفتاة؟
هل نحن شعوب تعاني من العنف و التعطش للدماء ليس فقط للحرب بل حتي في الحب و الزواج؟
لماذا لا تحكم علي شرفها من عقلها؟ لماذا يسأل و يستفسر الرجل حول كل إنش في جسدها و لا يبالي بكم من كتاب قراءة؟ أو أن كانت قادره علي تربية أجيال قادمة؟
و كيف يمكن أن تتغلب العادات حتي علي الدين؟ في جميع الأديان السماوية لم يكن من شروط الزواج أن يري الزوج “قطرات دم” للتأكد من العفه. كل فتاة تختلف عن الاخره، و غشاء البكاره يمكن فقدانه عن طريق الرياضة أو حتي بعض الحوادث و هناك من تولد بلا غشاء.
فتفقد بعض الفتيات أرواحهم نتيجه لذنب لم تقترفه؟
فتلك العادات تحلل جرائم الشرف. و في تقرير تم أصداره عام ٢٠٠٢ (والعديد من التقارير الدولية ) ذكر المقرّر الخاص للجنة حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة بأنه سجلت جرائم شرف في كثير من البلاد العربية و لكن ليس هناك أرقام دقيقة لأن معظم هذه الجرائم تحدث في إطار عائلي.
و لماذا يصر الرجل الشرقي علي لعب دور القاضي و الجلاد؟
حتي و أن فعلت شي في الماضي و تاب الله عليها من أنت لتحرمها فرصة العيش و الأمل من جديد؟
و هل أنت بلا ماضي؟
فنري عيادات ترقيع غشاء البكارة في ازدياد، و علاقات جنسية قبل الزواج تقف عن حدود عدم رتق الغشاء.
كل هذا يجعلنا في دائرة مفرغة، فنجبر الفتيات علي الكذب، و تتساوي تلك التي فقدت عذريتها عن قصد مع من فقدتها دون قصد.
وكالمعتاد نلوم المرأة علي فقدان عذريتها و نتناسي بأن للرجل دور في هذا الفعل أيضا.
نحن بحاجة الي ثقافة جنسية و ثورة في الأفكار تعيد لنا المفهوم الصحيح للشرف، و لن يحدث هذا الا إذا أردنا حقاً التغير.
العهر ليس فقط في الجسد، في عالمنا العربي نعاني من العهر الفكري.